الضمانات القانونية المقررة لأعضاء الجهات القضائية
ينظم الجهات القضائية بمصر والسالف الإشارة إليها عده قوانين التزم فيها المشرع بالنصوص الدستورية والأصول الفقهية بالنسبة لحصانات وضمانات رجال القضاء والتى تكفل لهم أداء عملهم بمقتضى قواعد موضوعية مجردة يحددها القانون بحريـة واستقلال وتؤكد أنه لا سلطان عليهم فى عملهم لغير القانون عملاً بالمادتين (64، 65 ) من الدستور.
وسنشير بقدر من التفصيل لهذه الحصانات لكل جهة من جهات القضاء.
أولاً ـ المحكمة الدستورية العليا:
نظم القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن اصدار قانون المحكمة الدستورية العليا هذه الحصانات والضمانات على النحو التالى:
1 ـ المحكمة الدستورية العليا هيئة مستقلة قائمة بذاتها ومقرها القاهرة ( المادة 1 ).
2 ـ تصدر المحكمة أحكامها وقراراتها من دائرة سباعية ويرأس جلساتها رئيـس المحكمـة أو أقدم أعضائها ( المادة 3 ).
3 ـ تشكل الجمعية العامة للمحكمة من جميع أعضائها وتختص بالنظر فى المسائل المتعلقة بنظام المحكمة وأمـورها الداخلية وتوزيع العمل بين أعضائها وجميع الشئون الخاصة بهم ( المادتين 7، 8 ).
4 ـ أعضـاء المحكمـة وهيئـة المفوضين بها غير قابلين للعزل ولا ينقلون إلى وظائف اخرى الا بموافقتهم ( المادتان 11، 24 ).
5 ـ لا يجوز ندب أو إعارة أعضاء المحكمة إلا للأعمال القانونية بالهيئات الدولية أو الدول الأجنبية أو للقيام بمهام علمية ( المادة 13 ).
6 ـ تسرى على القرارات والدعاوى والطلبات التى تقدم للمحكمة الأحكام والإجراءات المقررة بقانون المرافعات المدنية ( المادة 28 ).
7 ـ حدد القانون الاختصاصات المقررة للمحكمة على نحو مـا سـلف الإشـارة إليه فى الجزء الأول.
8 ـ جميع الأحكام الصادرة فى الدعاوى الدستورية وطلبات التفسير تنشر بالجريدة الرسمية باعتبار أن هذه الأحكام نهائية وغير قابلة للطعن بالنظر لطبيعة المحكمة وسارية على جميع السلطات فى الدولة ( المادتان 48، 49 ).
9 ـ يتولى التحضير أمام المحكمة هيئة مفوضين والذين لهم ذات ضانات وحصانات أعضاء المحكمة ( المادتان 21، 24 ).
ثانياً ـ بالنسبة للقضاء:
نظم القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية الضمانات والحصانات الخاصة بأعضاء السلطة القضائية وهى:
1 ـ أن إنشاء محاكم الاستئناف أو المحاكم الابتدائية وتعيين دائرة كل منها أو تعديلها لا يكون إلا بموجب قانون ( المادة 10 ).
2 ـ أن قواعد اختصاص المحاكم تحدد على النحو الوارد فى قانون المرافعات والإجراءات الجنائية وتعمل المحاكم التزاما بها ( المادة 15).
3 ـ جلسات المحاكم علنية ما لم تقرر المحكمة جعلها سرية مراعاة للآداب العامة أو محافظة على النظام العام وتصدر الأحكام فى جميع الأحوال علنية ( المادة 18 ).
4 ـ لغة المحاكم العربية وعلى المحاكم أن تسمع أقوال الخصوم والشهود الذين يجهلونها بواسطة مترجم بعد حلف اليمين.
5 ـ أن توزيع وترتيب العمل وتشكيل الدوائر وعدد الجلسات وسائر ما يتعلق بشئون المحكمة تكون من اختصاص الجمعيات العمومية بالمحاكم وهى تشكل من كافة قضاتها العاملين بها (المادتان 30، 31).
6 ـ يكون تعيين رجال القضاء بقرار جمهوري بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى ولا يجوز نقلهم أو ندبهم أو إعارتهم إلا فى الأحوال المقررة فى القانون ( المادتان 52، 53 ).
7 ـ رجال القضاء والنيابة العامة عدا معاوني النيابة ـ غير قابلين للعزل ( المادة 67 ).
8 يشكل مجلس القضاء الأعلى من رئيس محكمة النقض ورئيس محكمة استئناف القاهرة والنائـب العـام وأقدم اثنين من نواب رئيس محكمة النقض وأقدم اثنين من رؤساء محاكم الاسـتئناف الأخـرى ويختص بنظر كل ما يتعلق بتعيين وترقية ونقل وندب وإعارة رجال القضاء والنيابـة العامـة وكذلـك سـائر شـئونهم على النحو المقـرر فى القانون ( المادتان 77، 78 ).
9 ـ يكون تأديب القضاة بجميع درجاتهم من اختصاص مجلـس التأديـب المشـكل مـن رئيس محكمة النقض واقدم ثلاثة من رؤساء محاكم الاستئناف وأقدم ثلاثة من مسـتشارى محكمة النقض وتقام الدعوى التأديبية من النائـب العـام بناء على طلب وزير العـدل ( المادتان 78، 98 ).
ثالثاً ـ بالنسبة لمجلس الدولة:
أورد القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة أن أعضاء مجلس الدولة غير قابلين للعزل ويسرى عليهم جميع الضمانات التى يتمتع بها رجال القضاء ويقوم على شئونهم مجلس خاص ويختص بتأديبهم مجلس التأديب الخاص ( المواد 68، 91، 117 ).
وتشير هذه الأحكام والقواعد المنصوص عليها بالقوانين سالفة الذكر إلى الضمانات والحصانات التى يكفلها القانون المصرى لتوفير الاستقلال للقضاة وضمان سير شئون العدالة من خلال محاكم قانونية لها اختصاصاتها المحددة سلفا بموجب القانون ومشكلة أيضاً بموجب القانون وعلى درجات تسمح بالاستئناف أمام جهة قضائية اعلى، يتولى القضاة سواء بالمحكمة الدستورية وبجهة القضاء العادى أو بجهة مجلس الدولة شئون أنفسهم عن طريق مجالسهم الخاصة المشكلة من القضاة أنفسهم وقد جاءت هذه الأحكام فى جملتها مطابقة لما اشترطته المواثيق الدولية لحقوق الإنسان كمعايير لإدارة العدالة.
ويتضـح من استعراضنا السابق لمبادئ حقوق الإنسان فى الدستور المصرى ومدى اتصالها بالمواثيق الدولية والإقليمية وقضاء المحكمة الدستورية بشأنها وللوضع القانونى للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان والمنضمة لها مصر وفقاً لنظامها القانونى وكذلك لوسائل وسبل الانتصاف المتاحة بها طبقاً لنظامها القضائى أن كل ذى مصلحة يستطيع اللجوء إلى جهتي القضاء (القضاء العادي أو مجلس الدولة) وفقاً لطبيعة ونوعية المنازعة والحقوق الناشئة عنها أو المطالب بها – وذلك لاقتضاء حقوقه أو تحقيق مطالبه أما أمام جهة القضاء العادي بطلب معاقبة المتهم والحصول على تعويض عن الأضرار التى لحقت به إن كان الانتهاك الحاصل لحقوقه أو حرياته يشكل جريمة وفقاً لأحكام القانون، أو طلب التعويض فقط أمام القضاء المدنى فى غير ذلك من الأحوال، وإما أمام جهة القضاء الإداري ( مجلس الدولة ) بطلب إلغاء القرارات الإدارية التى تصدر حال كونها معيبة أو ماسه أو مقيدة لأية حقوق أو حريات يحميها الدستور والقانون والحصول على التعويض المناسب.
وفى جميع الأحوال يستطيع المتقاضى صاحب المصلحة التمسك بالنفاذ المباشر لأحكام تلك الاتفاقيات إن كانت المواد المطلوب نفاذها صالحة لذلك باعتبار أن الاتفاقية أصبحت بالانضمام إليها واحدة من القوانين المصرية المعمول بها وفقاً لأحكام الدستور – وان صادف صاحب المصلحة خلال مراحل التقاضي ثمة نصوص قانونية أو لائحية تحول دون بلوغه لمقاصده ومطالبه المشروعة استناداً للحقوق و الحريات الواردة بتلك الاتفاقيات، فيستطيع أن يدفع بالطرق المقررة للجوء إلى المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية النصوص المعيبة طالباً القضاء بعدم دستورية هذه النصوص القانونية الوطنية باعتبارها تشكل مخالفة للقواعد الدستورية التى شملت بالحماية كافة الحقوق والحريات التى تشملها الاتفاقيات الدولية ذات الصلة، وفى هذه الحالة يتعين على المحكمة التى تنتظر دعواه إن ارتأت جدية هذا الدفاع أن توقف نظر الدعوى لحين الفصل فى دستورية النص القانونى محل الطعن ثم تستمر فى نظر دعواه عقب الحكم فيها من المحكمة الدستورية العليا، ويتعين أن تلتزم المحكمة الأولى بما انتهت إليه المحكمة الدستورية فى حكمها باعتبار أنه ملزم لكافة السلطات فى الدولة طبقاً للدستور.
وتشكل الجهات القضائية على مختلف أنواعها ومستوياتها ودرجاتها على النحو السابق شرحه شبكة هائلة من جهات الانتصاف الوطنية تغطى جميع أنحاء البلاد وتنتشر على مستوى الأقسام والمراكز وهى متاحة للجميع ويسهل للكافة الوصول إليها لتقديم شكاواهم وبدون رسوم بالنسبة للقضايا الجنائية وبرسوم بسيطة بالنسبة للدعاوى المدنية والتى يمكن الإعفاء منها طبقاً للقانون، وبذلك يتوافر لكل إنسان وطنياً كان أو أجنبياً حق اللجوء للقضاء ليفصل فى منازعته بأحكام قضائية ملزمة وواجبة النفاذ وليعطى كل ذى حق حقه ويعاقب كل خارج عن القانون ذلك طبقاً للأصول المرعية فى التقاضي واحترام حق الدفاع فى إطار الالتزام بالمعايير الدولية لإدارة العدالة والتى أوردتها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتزم بها المشرع الوطنى.