ويأتى السبب الثالث فى الخطأ فى الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق، حيث إن حكم الإعدام وأسبابه استندت إلى شهادة المقدم سامح محمد سيد سليم رئيس قسم التصوير والمساعدات الفنية بوزارة الداخلية والتقرير المقدم منه وما عرضه من مقاطع فيديو وصور مستخلصة من تسجيلات كاميرات المراقبة بفندقى الواحة والهيلتون ومبنى الرمال ١ أيام ٢٤، ٢٥، ٢٨/٧/٢٠٠٨.
وقد عرض الحكم المطعون فيه للدليل المستمد من شهادة سالف الذكر أمام المحكمة بجلسة ٢٨/٢/٢٠٠٩، وجاء فى الطعن أن الحكم قد أخطأ فى الإسناد ونقل من عيون الأوراق ما يجافى الثابت فيها، ولاشك أن هذا الخطأ أثر فى منطق الحكم وصحة استدلاله وما انتهى إليه من نتيجة، إذ كان هذا الدليل من بين الأدلة التى تساند إليها الحكم فى إدانة الطاعن، خاصة أن تلك الصور كانت عن يوم ٢٨/٧/٢٠٠٨ وهو اليوم الذى تم فيه مقتل المجنى عليها،
كما أن توقيت هذه الصور هو التوقيت المتزامن مع الميقات الذى أخذت به المحكمة على أنه كان ميقاتا للمجنى عليها على نحو لم يعد يعرف معه ما كان يمكن أن ينتهى إليه قضاء المحكمة فيما لو سلم من هذا الخطأ وتبينت المحكمة حقيقة ما سبق وأثبتته بمحضر الجلسة على النحو المشار إليه.
وهو ما يشير من جانب آخر إلى جوهرية هذا الخطأ فى الإسناد وتأثيره فى منطق الحكم وصحة استدلاله إلى الحد الذى انحرف بالحكم إلى أن يجعل ما اعتنقه من استخلاص أو استدلال على النحو الآنف بمثابة المشاهدة والرؤية العينية للمتهم الأول فى تلك الصور رغم أن المحكمة عند مطالعتها لتلك الصور عجزت عن تحديد ملامح وجه الشخص الذى يظهر فيها على نحو ينبئ بأن ما تردى فيه الحكم من خطأ فى الإسناد أثر فى عملية الاستدلال والاستخلاص..
واستند الوجه الرابع إلى الخطأ فى الإسناد فى شهادة ماى دياز سوبيرانو، وهى فلبينية وتعمل بائعة فى شركة صن آند ساند- وحصلت المحكمة على مضمون شهادتها بقولها ما نصه «إنها وزميلة أخرى تعملان معا كبائعتين لدى محل صن آند ساند، شهدتا بتحقيقات دبى بأن المتهم الأول (محسن منير السكرى) الذى عرضت عليهما صورة جواز سفره قد حضر للمحل بتاريخ ٢٧/٧/٢٠٠٨ الساعة ٩.٣٧ مساء تقريباً وقام بشراء حذاء وبنطال ماركة نايك ودفع قيمتهما باستخدام بطاقة ائتمانية وأن البنطال المضبوط وصورة الحذاء المعروضين عليهما يماثلان البنطال والحذاء اللذين اشتراهما المتهم المذكور ثم وضعهما فى كيس بلاستيك أسود اللون، عليه علامة شركة نايك (NIKE) والمحكمة لاحظت أنه ذات الكيس الذى شوهد المتهم يحمله عند دخوله مكان الحادث وهو ما كوّن اعتقادا لدى المحكمة.. وهو ما اعتبره طعن أبوشقة بأنه اعتقاد «خاطئ».
وهذا الاعتقاد الخاطئ الذى تردت فيه المحكمة كان له ولاشك تأثيره فى عقيدتها باعتبار أن تلك الشاهدة التى أخطأت المحكمة فى تحصيل شهادتها الثابتة بأوراق الدعوى، هى من شهود الإثبات الذين عولت المحكمة على شهادتها عند قضائها بإدانة الطاعن والمتهم الأول (محسن السكرى)، ولهذا كانت شهادتها من ركائز الحكم محل هذا الطعن ومن دعائمه الأساسية، وبالتالى فهو خطأ مؤثر فى سلامة المنطق القضائى للحكم بما يؤدى حتما إلى تداعى بنيانه وهدم ركائزه الأمر الذى يستوجب نقض الحكم بأكمله.
واستند السبب الخامس فى الطعن إلى الخطأ فى الإسناد للدليل المستمد من شهادة اللواء أحمد سالم الناغى، وكيل الإدارة العامة للمباحث الجنائية بقطاع مصلحة الأمن العام، الذى حرر محضر التحريات نفاذاً لقرار النيابة العامة، وهو خطأ مؤثر فى منطق الحكم وصحة استدلاله من عدة جوانب:
أولها: أن شهادة اللواء أحمد سالم الناغى كانت من بين الأدلة التى عول عليها الحكم فى إدانة الطاعن على نحو لم يعد يعرف معه ما كان يمكن أن ينتهى إليه الحكم فى تقديره لتلك الأقوال ومدى مواءمتها لأقوال شهود الإثبات الآخرين الذين عول الحكم عليهم والتى جاءت أقوالهم متناقضة مع ما شهد به اللواء أحمد سالم الناغى سواء بالتحقيقات أو بجلسات المحاكمة. وتتضح جوهرية هذا الخطأ من أن المحكمة تعمدت التدخل فى رواية الشاهد المذكور وحرّفتها عن صريح عباراتها وواضح دلالتها وأخذت برواية تخالف الثابت بأقواله بالتحقيقات وبجلسات المحاكمة لتحدث المواءمة مع باقى الأدلة.
واعتبر الطعن أن هناك خطأ سادساً فى الإسناد ومخالفة للثابت فى الأوراق فى شهادة المقدم سمير سعد محمد، الضابط بإدارة الشرطة الجنائية الدولية والعربية بإنتربول القاهرة، الذى قام بضبط المتهم الأول يوم ٦/٨/٢٠٠٨. وإذ عرض الحكم المطعون فيه لشهادة سالف الذكر حصّل منها ما نصه: «وقد أضاف الشاهد بالتحقيقات التى أجرتها المحكمة أن المتهم محسن السكرى اعترف له بارتكابه الجريمة.....».
ومفاد ما حصله الحكم من أقوال الشاهد سالف الذكر التى نقلها عن الاعتراف المزعوم الصادر عن المتهم الأول للشاهد فى أعقاب ضبط هذا الأخير له، أن المتهم الأول اعترف للشاهد بكيفية وتفاصيل قتله للمجنى عليها التى حددتها المحكمة فى حكمها على النحو المار بيانه بأنه «دفعها بقوة وكمم فاها وطرحها أرضاً ونحرها». واستمر السبب السابع فى الخطأ فى الإسناد فى شهادة المقدم سمير سعد محمد بالتحقيقات التى أجرتها المحكمة.
وإذ عرض الحكم المطعون فيه لشهادة سالف الذكر فقد حصّل منه ما نصه: «وأضاف الشاهد قائلاً إن المتهم قرر أنه كان حال اقترافه الجريمة مرتدياً ملابس رياضية عبارة عن تى شيرت داكن اللون وأسفل تى شيرت أسود اللون وبنطالين أحدهما أسود اللون (ترينج) طويل ماركة (نايك) وأسفله بنطلون قصير فاتح اللون (برمودا) وأنه نتيجة لبعض المقاومة التى حدثت من المجنى عليها أثناء ذبحها فقد تلوثت ملابسه الخارجية بدماء المجنى عليها مما جعله يخلعها ويتخلص منها بوضعها فى صندوق خرطوم مياه الحريق الكائن بالطابق ٢١ الذى يقع أسفل الطابق ٢٢ الكائن به شقة المجنى عليها، وظل بالملابس التى كان يرتديها أسفل تلك الملابس الملوثة...».
جاء فى السبب الثامنى من الطعن أن المحكمة وقر فى ضميرها واستقر فى وجدانها أن هشام طلعت ساعد محسن السكرى فى استخراج تأشيرة دخول دبى، حيث قُتلت المجنى عليها، وأن صورة المساعدة كما اعتنقها الحكم فى تصويره للواقعة التى دان الطاعن عنها، تمثلت فى استخراج التأشيرة بكفالة إحدى الشركات التى تمت بصلة للطاعن. واستخلصت المحكمة من صلة هشام بتلك الشركة التى كفلت استخراج التأشيرة لدخول دبى للمتهم الأول، اشتراك الطاعن مع المتهم الأول فى الجريمة المسندة ومساعدته له، فضلاً عن اتفاقه معه وتحريضه له، وهو ما يصبح معه الحكم مشوباً بالخطأ.
جاء فى السبب التاسع أن الحكم المطعون فيه نقل عن الشاهدة المذكورة أنها قررت أن المجنى عليها أبلغتها بأنها تتلقى من هشام طلعت تهديدات بالقتل مما دفعها إلى تقديم شكوى ضده أمام السلطات فى لندن لمنعه من دخولها، وهو خطأ مؤثر فى منطق الحكم وصحة استدلاله لأن الخطأ الذى تردى فيه الحكم فى تحصيله لأقوال الشاهدة كلارا، إذ تعمد بتر جزء جوهرى من أقوالها يتعلق بحقيقة ما أدلت المجنى عليها إليها به، وهو جزء جوهرى ترتب على بتره تغيير المعنى المقصود من تلك الأقوال كلية ويعطى معنى آخر.
وتكون المحكمة على هذا النحو قد تدخلت فى رواية الشاهدة المذكورة ببترها جزءاً جوهرياً منها، مما مسخها وغيّر فحواها وأحالها عن المعنى المفهوم من صريح عباراتها وواضح دلالتها.
جاء فى الخطأ العاشر أن المحكمة استندت لشهادة أحمد ماجد على إبراهيم مراجع حسابات بمجموعة شركات طلعت مصطفى كان لها مدلول فى إصدار حكمها، وأن الحكم ربط ربطاً واضحاً وظاهراً بين هذا المبلغ الذى أودعه الشاهد المذكور بحساب المتهم الأول حال تواجد هذا الأخير بلندن وبين الرسالة النصية التى أرسلها المتهم الأول إلى هاتف الطاعن فى ٢٩/٥/٢٠٠٨ ـ وهو ذات تاريخ إيداع هذا المبلغ ـ والتى يطلب فيها المتهم الأول تزويده بمبلغ مالى.
وأن الحكم أخطأ فى الإسناد حين اعتقد أن الشاهد قد شهد بأن تسلمه المبلغ كان فى يوم ٢٩/٥، فى حين أن ما شهد به سواء بتحقيقات النيابة العامة أو بجلسات المحاكمة أن إيداعه للمبلغ هو الذى كان فى هذا التاريخ، بينما تسلمه له كان فى يوم ٢٨/٥/٢٠٠٨، أى فى يوم سابق على الرسالة المرسلة من المتهم الأول إلى الطاعن، بصدد تزويده بمبلغ مالى. واستمر السبب الحادى عشر فى الخطأ فى الإسناد إلى شهادة كلارا إلياس محامية سوزان تميم،
أما الوجه الثانى عشر فانتقل إلى شهادة النقيب عيسى سعيد الضابط بالإدارة العامة للتحريات بدبى، وجاء به أن الحكم المطعون فيه إذ اعتقد خطأ أن الشاهد المذكور قد جزم وقطع فى شهادته أمامها عند عرض المتهم الأول عليه، بأن هذا الأخير هو ذاته الشخص الذى ظهر فى الصور، رغم أن شهادة الشاهد المذكور واضحة فى أنها لم تجزم بذلك وإنما تأرجحت بين الشك واليقين، وكانت وسيلته فى التعرف على المتهم الأول بتلك الجلسة على سبيل التقريب وليس على سبيل الجزم.
وجاء فى السبب الخامس عشر أن الحكم خالف المادة ٤١ من اتفاقية التعاون القضائى بين مصر والإمارات وأنه وفقاً للمادة ١٥١ من الدستور المصرى بعد التصديق عليها من مجلس الشعب ونشرها فى ١٢/٣/٢٠٠١ فإنها أصبحت قانوناً نافذاً فى مصر تلتزم المحاكم بتطبيق نصوصه.
فإن البين من المادة ٤١ من تلك الاتفاقية أنها قد نصت على أنه «لا يسلم أحد الطرفين المتعاقدين مواطنيه ومع ذلك تتعهد كل من الدولتين فى الحدود التى يمتد إليها اختصاصها بتوجيه الاتهام ضد من يرتكب من مواطنيها جرائم فى بلد الدولة الأخرى. وقرر الدفاع أن المادة ٤١ المشار إليها تورد قيدا واضحاً وصريحاً على سلطة التحقيق فى الدولتين المتعاقدتين وهما مصر والإمارات بحيث لا يجوز لأى من السلطتين بالدولتين مباشرة أى إجراء من إجراءات التحقيق أوالاتهام قبل تقديم الدولة التى وقعت الجريمة على أرضها طلباً بذلك.
وركز السبب السادس عشر على تناقض وقصور آخر فى التسبيب وخطأ آخر فى تطبيق القانون وفساد آخر فى الاستدلال، حيث قام دفاع الطاعن فى مرافعته الشفوية ومذكرته المكتوبة على الدفع ببطلان جميع إجراءات التحقيق التى أجريت فى المكتب الفنى للنائب العام وهى الاستجواب الأول للمتهم الأول، استناداً إلى عدم وجود قرار بندبه للتحقيق.
إن الثابت بكتاب الإنتربول بالقاهرة المؤرخ ٦/٨/٢٠٠٨ المتضمن ضبط المتهم الأول محسن السكرى بناء على طلب إنتربول أبوظبى لاتهامه فى جناية قتل عمد بدبى قد عرض على النائب العام فأشر عليه فى ذات التاريخ بعبارة «يندب رئيس النيابة بالمكتب الفنى للنائب العام لاتخاذ الإجراءات اللازمة والعرض»، وأن الثابت أن المتهم مصرى الجنسية وبالت إلى فلا يجوز تسليمه طبقا للمادة ٥١ من الدستور والمادة «٤١» من اتفاقية التعاون القضائى بين مصر ودولة الإمارات.
وجاء في السبب السابع عشر أن هناك تناقضاً وقصوراً آخر في التسبيب وخطأ آخر في تطبيق القانون وفساداً آخر في الاستدلال، حيث دفع دفاع الطاعن ببطلان القبض على المتهم الأول وبطلان ما ترتب على هذا القبض من أدلة وما تلاه من إجراءات وبطلان شهادة من أجرى هذا القبض الباطل وهوالمقدم سمير سعد، على سند من أن هذا القبض تم دون إذن من النيابة العامة وفى غير أحوال التلبس المنصوص عليها حصراً ودون صدور أمر بالقبض على المتهم من السلطات المختصة فى دبى بالشروط المحددة فى الاتفاقية.
أما