الجزء الاول(خاص للمحامين المصريين) داخل أقسام الشرطة ويكشف التقرير من واقع الحالات التي رصدها،عن أن أغلب حالات التعذيب وإساءة معاملة المواطنين داخل أقسام الشرطة، تتم بعد القبض عليهم مباشرة بمعرفة ضباط الشرطة وقبل عرضهم على النيابة المختصة وذلك بهدف إجبارهم على الاعتراف بجرائم معينة، بل إن التعذيب لا يمارس فقط ضد المحتجزين من المتهمين أو المشتبه فيهم، بل اتسعت دائرته لتشمل أسر وأهالي الأشخاص، وذلك لإجبارهم على الإدلاء بمعلومات تدين ذويهم أو عن مكان اختفائهم، أو لإجبار الأشخاص المطلوبين على تسليم أنفسهم، بل رصد التقرير بعض حالات التعذيب دون وجود أي مبرر واضح .
ويأتي تقرير "التعذيب في مصر.. ظاهرة بلا رادع" في إطار حملة المنظمة المتواصلة من أجل وقف جريمة التعذيب في مصر ومعاقبة مرتكبيها، وتحسين معاملة المواطنين واحترام حقوقهم وحرياتهم داخل أقسام الشرطة وغيرها من مراكز الاحتجاز، وتهدف المنظمة من ورائه الوقوف على حجم الظاهرة، وحث الحكومة المصرية على اتخاذ إجراءات جادة وعاجلة سواء كانت تشريعية أو عملية من أجل الحد من تفاقم جريمة التعذيب تماشياً مع الدستور والقانون والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتقديم المسئولين عنها إلى ساحة العدالة، وكذلك مراعاة الضمانات القانونية الكفيلة بحماية حق المحتجزين في السلامة البدنية والنفسية والعقلية الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية وفي الاتفاقيات الدولية لمناهضة التعذيب، وغير ذلك من الاتفاقيات والإعلانات والتوصيات الدولية المعنية بحقوق الإنسان .
ويأتي تقرير المنظمة المصرية عن التعذيب لعام 2004 متضمناً الأقسام التالية:
القسم الأول: حجم الظاهرة وبعض حالات التعذيب
ويتناول المتابعة الميدانية لظاهرة التعذيب في مصر خلال الفترة من ابريل 2003- أبريل 2004 . وفي هذا الإطار، رصدت المنظمة (41) حالة تعذيب داخل أقسام ومراكز الشرطة بينها (15) حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية أنها نتيجة التعذيب وإساءة المعاملة.
كما يتناول هذا القسم من التقرير قراءة تحليلية لظاهرة التعذيب في مصر خلال الفترة من1993-أبريل 2004، وفي هذا الإطار رصدت المنظمة حوالي (412) حالة تعذيب من بينها (120) حالة وفاة توافرت لدى المنظمة شكوك قوية أنها نتيجة التعذيب وإساءة المعاملة.
ورغم رصد المنظمة المصرية لاتجاه الحكومة بإحالة قضايا التعذيب إلى القضاء منذ عام 2000، فإنه يلاحظ إصدار أحكام قضائية مخففة على المتهمين في قضايا التعذيب بسبب القصور التشريعي في مواجهة ظاهرة التعذيب .
القسم الثاني: أسباب استشراء التعذيب في مصر.
ويضم هذا القسم العوامل القانونية والإجرائية والأمنية التي تسهم بشكل أو بآخر في توفير بيئة خصبة لانتشار التعذيب في مصر، جاعلة منها ظاهرة لما ما يدعمها سواء على المستوى القانوني أو على مستوى تواطؤ بعض الأجهزة الأمنية.
القسم الثالث: جهود المنظمة لإيقاف ظاهرة التعذيب والتوعية بخطورتها .
القسم الرابع:الخاتمة والتوصيات: وتشتمل على تعليق المنظمة على جريمة التعذيب في مصر من واقع الحالات الموجودة في التقرير.
لا يمثل التعذيب في مصر جريمة عادية يرتكِبها رجال الشرطة في الأقسام والمراكز والسجون، بل أضحى في السنوات القليلة الماضية-ومازال- ظاهرة تستدعي التوقف عندها من أجل إيجاد الحلول الفعالة والعاجلة لمواجهتها، فالتعذيب قد أصبح سياسة منهجية معتمدة على نطاق واسع من قبل ضباط الشرطة في استجواب المتهمين والمشتبه فيهم خلال المراحل الأولية للتحقيقات التي تجري بمعرفتهم في أقسام الشرطة، كما أن التعذيب لم يعد قاصراً على المتعقلين والمعارضين السياسيين بل امتد ليشمل المواطنين العاديين، وهذا ما تؤكده تقارير المنظمات الحقوقية الدولية، فقد جاء في تقرير منظمة هيومان رايتس ويتش الصادر في شهر فبراير 2004 تحت عنوان "وباء التعذيب في مصر"على أن التعذيب ظاهرة مستمرة واسعة النطاق في مصر، فقوات الأمن والشرطة دأبت على تعذيب المعتقلين أو إساءة معاملتهم خصوصاً في أثناء التحقيقات، فالتعذيب لم يعد قاصراً على المعارضين السياسيين فقط، بل صار متفشياً كالوباء خلال السنوات الأخيرة، حيث يكابده عدد كبير من المواطنين العاديين الذين يجدون أنفسهم في الحبس في أقسام الشرطة كمشتبه فيهم أو في إطار تحقيقات جنائية. وقد طالبت هيومان رايتس ويتش الحكومة المصرية بالاعتراف باتساع نطاق جريمة التعذيب في مصر وعواقبه الخطيرة على المجتمع، وبفتح نقاش عام واسع وداخلي حول أسبابه وحلوله .
وكانت منظمة العفو الدولية قد ذكرت هي الأخرى في تقريرها لعام 2003 أن التعذيب قد تفشى في مصر على نحوٍ منظم في مراكز الاعتقال، أما بالنسبة لضحايا التعذيب فأكدت أمنستي أنهم ينتمون إلى مختلف فئات المجتمع، ومن بينهم نشطاء سياسيون وأشخاص قُبض عليهم في إطار تحقيقاتٍ جنائية.
ومما يجعل التعذيب ظاهرة في المجتمع المصري،مجموعة من العوامل القانونية والإجرائية والأمنية التي توفر بيئة خصبة لانتشار التعذيب، هذا بخلاف تقييد يد ضحايا التعذيب في تحريك دعاواهم عن طريق الادعاء المباشر، فالمسلك الوحيد أمام هؤلاء الضحايا هو التعويض المدني، فالمساءلة الجنائية والتأديبية لمرتكبي جرائم التعذيب منصوص عليها من الناحية النظرية فقط، ولا تطبق عملياً إلا في أضيق الحدود، فالفقرة الثانية من المادة 232 من قانون الإجراءات الجنائية قد حظرت على المدعى العام بالحق المدني إقامة دعواه بطريق الادعاء المباشر في حالة ما إذا كانت الدعوى موجه ضد موظف عام أو مستخدم عام أو أحد رجال الضبط بجريمة وقعت منه أثناء تأدية وظيفته أو بسببها .
ولإيضاح مدى تفشي ظاهرة التعذيب في المجتمع المصري، يتناول هذا القسم الأجزاء التالية:
(1) حالات التعذيب والوفاة الناجمة عنه خلال الفترة أبريل 2003-أبريل 2004
والمنظمة المصرية لحقوق الإنسان إذ تصدر تقريرها حول ظاهرة التعذيب في مصر داخل أقسام ومراكز الشرطة، فإنها تكشف عن خطورة التعذيب وما يمثله من انتهاك صارخ للحق في الحياة والحق في الحرية والأمان الشخصي والسلامة الجسدية وما يؤدى إليه التعذيب من إزهاق أرواح الضحايا وذلك بالمخالفة لدور الشرطة المبينة في الدستور والقانون المصري، وبما يتنافى كذلك وواجبات أعضاء الشرطة المبينة في المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومدونه قواعد سلوك الموظفين المكلفين بإنفاذ القوانين والتي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر 1979، وهذه بعض حالات التعذيب التي رصدتها المنظمة المصرية خلال الفترة إبريل 2003- إبريل 2004:
أ- التعذيب حتى الموت داخل أقسام الشرطة
وتستعرض المنظمة في هذا الجزء حالات التعذيب التي أدت التي وفاة الضحايا داخل أقسام ومراكز الشرطة، وقد رصدتها ووثقتها المنظمة عبر بعثات تقصى الحقائق التي أوفدتها إلى ضحايا أسر الأشخاص اللذين تعرضوا للتعذيب وأيضا الشكاوى التي قدمتها أسر الضحايا للمنظمة.
1- حالة وفاة بقسم شرطة 6 أكتوبر
- المواطن / عبد الله رزق عبد اللطيف رزق -مواليد 5 سبتمبر 1990 - كان مقيما بمدينة 6 أكتوبر.
- بتاريخ 23/5/2003م ألقت قوة من قسم 6 أكتوبر القبض على المذكور أثناء تواجده بجوار مركز شباب الحي السادس بالمدينة، وتم احتجازه لمدة ستة أيام، تعرض خلالها للضرب والتعذيب، وفى اليوم السابع توفي على أثر الصعق الكهربائي، وجاء تعرضه للتعذيب من أجل إجباره على الاعتراف بارتكابه لبعض جرائم السرقة وفقاً لما جاء في شكوى أسرته للمنظمة المصرية .
وكانت أسرة المتوفى قد فوجئت يوم الجمعة 30/5/2003م في الساعة الواحدة ظهراً بقوة من قسم 6 أكتوبر تقتحم منزلهم، وقامت بإلقاء القبض على والد المتوفى، وتم احتجازه بالقسم حتى الساعة الخامسة عصرا، وبعد ذلك تم إخبار الوالد بأن ابنه قد توفي إثر صعقه بالكهرباء أثناء تواجده داخل الحمام، وأن جثته قد نقلت لمستشفى 6 أكتوبر العام. وفى الساعة السادسة والنصف مساء من ذات اليوم، توجهت شقيقة المتوفى مع والدته لمستشفى 6 أكتوبر لأخذ تصريح الدفن، غير أن أمن المستشفى منعهما من الدخول، فقررت شقيقته الذهاب مع المحامي لمأمور قسم 6 أكتوبر، وطالبت بتشريح جثة شقيقها لمعرفة أسباب وفاته، وقامت بإرسال تلغرافات لوزير الداخلية وللنائب العام
وفي يوم السبت 31/5/2003م تمكنت شقيقة المتوفى من دخول المستشفى خلسة، وقد وجدت إصابات بعموم جثة المتوفى من بينها:
1- علامات طولية متوازية بالذراع اليمنى.
2- ازرقاق بعموم الوجه.
3- حرق بالرقبة أسفل فروة الرأس.
4- كدمات وازرقاق بالصدر.
إجراءات الأسرة: تقدمت الأسرة ببلاغ للنيابة العامة قيد برقم 2363 لـ2003 إداري 6 أكتوبر، وتمت معاينة النيابة للجثة وأثبتت ما بها من إصابات، وقررت انتداب الطب الشرعي الذي أكد في تقريره رقم 124 طب شرعي الجيزة 2003 تعرض المجني عليه لصعق كهربائي أحدث اضطرابات بضربات القلب؛ وهو ما أدى إلى توقف عضلة القلب حتى حدثت الوفاة، وما زالت النيابة تجري تحقيقاتها حتى الآن.
إجراءات المنظمة: قامت المنظمة بإرسال بلاغات إلى كل من النائب العام ووزير الداخلية.
2- حالة وفاة بقسم شرطة مينا القمح
المواطن/ رجب محمد عفيفي زايد، بلغ من العمر 32 عامًا، وكان مقيما في محافظة المنوفية، كان يعمل جنديا متطوعا بقسم شرطة منيا القمح بمحافظة الشرقية، وقد تعرض أثناء حراسته لمخزن سلاح لحادث سرقة فقد على أثره قطعة سلاح (مسدس)، فقام النقيب وليد سلامة ضابط مباحث القسم والعقيد مجدي أبو حليمة نائب مأمور القسم بالاعتداء عليه بالضرب وتعذيبه عن طريق صعقه بالكهرباء، وبهدف التضليل نقل عقب وفاته يوم 16/7/2003 لغرفة مبيت الجنود وعلق في سقف العنبر لإظهار الحادث على أنه انتحار.
ووفقًا لأقوال أسرة المتوفى عند مناظرة الجثة لاحظت وجود بعض الإصابات بها: - كدمات دموية أسفل الظهر.
- كدمات على قصبة الأنف.
[size=16]- عدم وجود علامات دالة على الانتحار شنقاً مثل حجوظ في العين أو تدلدل اللسان .
إجراءات الأسرة: تقدمت الأسرة ببلاغات للنيابة العامة التي أمرت باستدعاء الطبيب الشرعي الذي أفاد في تقريره المبدئي إلى عدم وجود أي علامات دالة على وقوع الانتحار.
إجراءات المنظمة: تقدمت المنظمة ببلاغات لكل من النائب العام ووزير الداخلية
size]